فصل: قال الشعراوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ومنهم من حمل التنور على المَجاز المفرد ففسره بسطح الأرض، أي فار الماء من جميع الأرض حتى صار بسطح الأرض كفوهة التنور.
ومنهم من فسره بأعلى الأرض.
ومنهم من حمل: {فار} و: {التنور} على الحقيقة، وأخرج الكلام مَخرج التمثيل لاشتداد الحال، كما يقال: حمي الوطيس.
وقع حكاية ذلك في تفسير ابن عطية في هذه الآية وفي الكشاف في تفسير سورة المؤمنون: وأنشد الطبرسي قول الشاعر، وهو النابغة الجعدي:
تفورُ علينا قِدرهم فنديمها ** ونفثأها عنّا إذا قِدرها غلى

يريد بالقدر الحرب، ونفثأها، أي نسكنها، يقال: فثأ القِدر إذا سكن غليانها بصب الماء فيها.
وهذا أحسن ما حكي عن المفسرين.
والذي يظهر لي أن قوله: {وفارَ التنور} مثَل لبلوغ الشيء إلى أقصَى ما يتحمل مثله، كما يقال: بلغ السيل الزُبى، وامتلأ الصاع، وفاضت الكأس وتفاقم.
والتنور: محفل الوادي، أي ضفته، فيكون مثل طَما الوادي من قبيل بلغ السيل الزُبى.
والمعنى: بأن نفاذ أمرنا فيهم وبلغوا من طول مدة الكفر مبلغًا لا يغتفر لهم بعدُ كما قال تعالى: {فلما آسفونا انتقمنا منهم} [الزخرف: 55].
والتنور: اسم لمَوقد النار للخبز.
وزعمه الليث مما اتفقت فيه اللغات، أي كالصابون والسمور.
ونسب الخفاجي في شفاء الغليل هذا إلى ابن عباس.
وقال أبو منصور: كلام الليث يدل على أنه في الأصل أعجمي.
والدليل على ذلك أنه فعّول من تنر ولا نعرف تنر في كلام العرب لأنه مهمل، وقال غيره: ليس في كلام العرب نون قبل رَاء فإن نرجس معرب أيضًا.
وقد عدّ في الألفاظ المعربة الواقعة في القرآن.
ونظمها ابن السبكي في شرحه على مختصر ابن الحاجب الأصلي ونسب ذلك إلى ابن دريد.
قال أبو علي الفارسي: وزنه فَعّول.
وعن ثعلب أنه عربي، قال: وزنه تَفعول من النور (أي فالتاء زايدة) وأصله تنوور بواوين، فقلبت الواو الأولى همزة لانضمامها ثم حذفت الهمزة تخفيفًا ثم شددت النون عوضًا عما حذف أي مثل قوله: تقَضّى البَازي بمعنى تقضّض.
وقرأ الجمهور: {من كلّ زوجين} بإضافة: {كل} إلى: {زوجين}.
والزوج: شيء يكون ثَانيًا لآخَرَ في حالة.
وأصله اسم لما ينضم إلى فرد فيصير زوجًا له، وكل منهما زوج للآخر.
والمراد بـ: {زوجين} هنا الذكر والأنثى من النوع، كما يدل عليه إضافة: {كل} إلى: {زوجين}، أي احمل فيها من أزواج جميع الأنواع.
و: {من} تبعيضية، و: {اثنين} مفعول: {احمل}، وهو بيان لئلاّ يتوهّم أن يحمل كل زوجين واحدًا منهما لأن الزوج هو واحد من اثنين متصلين، كما تقدم في قوله تعالى: {ثمانية أزواج} في سورة [الأنعام: 143].
ولئلا يحمل أكثر من اثنين من نوع لتضيق السفينة وتثقل.
وقرأه حفص: {من كلَ} بتنوين: {كلَ} فيكون تنوين عوض عن مضاف إليه، أي من كل المخلوقات، ويكون: {زوجين} مفعول: {احمل}، ويكون: {اثنين} صفة ل: {زوجين} أي لا تزد على اثنين.
وأهل الرجل قرابته وأهل بيته وهو اسم جمع لا واحد له.
وزوجه أول من يبادر من اللفظ، ويطلق لفظ الأهل على امرأة الرجل قال تعالى: {فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله} [القصص: 29]، وقال: {وإذ غدوتَ من أهلك} [آل عمران: 121] أي من عند عائشة رضي الله عنها.
و: {من سبق عليه القول} أي من مضى قول الله عليه، أي وعيده.
فالتعريف في: {القول} للعهد، يعني إلاّ من كان من أهلك كافرًا.، وماصدق هذا إحدى امرأتيه المذكورة في سورة التّحريم وابنه منها المذكور في آخر هذه القصة.
وكان لنوح عليه السّلام امرأتان.
وعدّي: {سبَق} بحرف: {على} لتضمين: {سَبَق} معنى: حَكَم، كما عدّي باللام في قوله: {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين} [الصافات: 171] لتضمينه معنى الالتزام النافع.
و: {مَن آمن} كلّ المؤمنين.
وجملة: {وما آمن معه إلا قليل} اعتراض لتكميل الفائدة من القصة في قلة الصالحين.
قيل: كان جميع المؤمنين به من أهله وغيرهم نيفًا وسبعين بين رجال ونساء، فكان معظم حمولة السفينة من الحَيوان. اهـ.

.قال الشنقيطي:

قوله تعالى: {قُلْنَا احمل فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثنين} الأية.
ذكر الله جل وعلا في الآية هذه الكريمة أنه أمر نبيه نوحًا عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: أن يحمل في سفينته من كل زوجين اثنين. وبين في سورة: {قد أفلح المؤمنون} لأنه أمره أن يسلكهم أي يدخلهم فيها. فدل ذلك على أن فيها بيوتًا يدخل فيه الراكبون. وذلك في قوله: {فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التنور فاسلك فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثنين} [المؤمنون: 27] ومعنى {اسلك} أدخل فيها من كل زوجين اثنين. تقول العرب: سلكت الشيء في الشيء: أدخلته فيه. وفيه لغة أخرى وهي: أسلكته فيه، رباعيًا بوزن أفعل، والثلاثية لغة القرآن. كقوله: {فاسلك فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثنين} [المؤمنون: 27] الآية. وقوله: {اسلك يَدَكَ فِي جَيْبِكَ} [القصص: 32] الآية. وقوله: {كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ المجرمين} [الشعراء: 200] الآية. وقوله: {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ المجرمين} [الحجر: 12] وقوله: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} [المدثر: 42] الآية. ومنه قول الشاعر:
وكنت لزاز خصمك لم أعرد ** وقد سلكوك في يوم عصيب

ومن الرباعية قول عبد مناف بن ربع الهذلي:
حتى إذا أسلكوهم في قتائده ** شلا كما تطرد الجمالة الشردا

قال مقيدة عفا الله عنه-: الذي يظهر أن أصل السلك الذي هو الخيط فعل بمعنى مفعول كذبح بمعنى مذبوح، وقتل بمعنى مقتول. لأن الخيط يسلك أي يدخل في الخرز لينظمه. كما قال العباس بن مرداس السلمي:
عين تأوبها من شجوها أرق ** فالماء يغمرها طورا وينحدر

كأنه نظم در عند ناظمة ** تقطع السلك منه فهو منتثر

والله تعالى أعلم.
قوله تعالى: {وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القول} الآية.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه أمر نوحًا أن يحمل في السفينة أهله إلا من قد سبق عليه القول، اي سبق عليه من القول بأنه شقى، وأنه هالك مع الكافرين.
ولم يبين هنا من سبق عليه القول منهم، ولكنه بين بعد هذا أن الذي سبق عليه القول من أهله هو ابنه وامرأته.
قال في ابنه الذي سبق عليه القول: {ونادى نُوحٌ ابنه وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يابني اركب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الكافرين} [هود: 42]- إلى قوله-: {وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج فَكَانَ مِنَ المغرقين} [هود: 43] وقال فيه أيضًا: {قَالَ يا نوح إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هود: 46] الآية وقال في امرأته: {ضَرَبَ الله مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ امرأة نُوحٍ} [التحريم: 10]- إلى قوله: {مَعَ الداخلين} [التحريم: 10]. اهـ.

.قال الشعراوي:

{وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ}
وكان السادة والكبراء من ملأ نوح يمرون عليه وهو يصنع السفينة يسخرون منه، بما يعني: ها هو بعد أن ادَّعى النبوة يتحوَّل إلى نجَّار، ثم يتساءلون: كيف تصل هذه السفينة من الموصل إلى البحر؟ ولم يكونوا قد علموا ما علمه نوح عليه السلام من أن الماء هو الذي سوف يأتي ليحمل السفينة.
ونحن نلحظ في قول الحق سبحانه وتعالى: {وَيَصْنَعُ الفلك} [هود: 38].
تنفيذ الأمر الذي صدر من الله سبحانه وتعالى إلى نوح عليه السلام حين قال سبحانه: {واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الذين ظلموا إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ} [هود: 37]. ثم يقول الحق سبحانه بعد ذلك: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ} ونلحظ في قول الحق سبحانه: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} أن الفعل الذي يعلمه نوح عليه السلام وهو أمر الإغراق سيحدث مستقبلًا؛ لأن أي حدث كما نعلم له أكثر من صورة، فإن جاء الكلام عن الحدث بعد وقوعه؛ كان الفعل ماضيًا، وإن جاء الكلام وقت الحدث كان الفعل مضارعًا.
وإن جاء الكلام عن حدث لم يأت زمنه فالأمر يقتضي أن نسبق الكلام عن الحدث بحرف السين كأن نقول: سيعلمون وهذا عن الاستقبال القريب، أما عن الاستقبال البعيد فتأتي كلمة سوف.
ونحن نعلم أن نوحًا عليه السلام قضى العديد من السنين وهو يصنع السفينة؛ ولذلك جاء بسوف لتدل على أوسع مَدًى زمنيٍّ.
وما الذي سوف يعلمونه؟ إن العذاب، أيأتي لنوح ومن معه أم يأتي للذين كفروا من ملأ نوح.
لذلك يقول الحق سبحانه على لسان نوح عليه السلام: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ} [هود: 39].
وفي هذا القول ما يؤكِّد أن نوحًا عليه السلام يعلم أن العذاب سوف يأتيهم؛ لأنهم كفروا وسَخِروا وقالوا: {فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصادقين} [هود: 32].
وقول الحق سبحانه: {وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ} [هود: 39].
نجد فيه كلمة: {يَحِلُّ} وهي ضِدُّ الرحيل، وتفيد النزول من أعلى إلى مكان الإقامة، فَحَلَّ بالمكان، أي: نزلَ ليقيم به، والضِّدُّ هو الرحيل أو الترحال.
وقول الحق سبحانه: {مُّقِيمٌ} يعني أن العذاب الذي سيحِلُّ بهم عذاب دائم.
ويقول الحق سبحانه وتعالى بعد ذلك: {حتى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التنور}
وكلمة: {حتى} تدل على الغاية وكلمة: {أَمْرُنَا} تدل على الطوفان، ثم الأمر من الحق سبحانه بأن يحمل فيها من كل زوجين اثنين، ومَنْ آمن معه وكانوا قِلَّة قليلة.
إذن: ففي قصة نوح عليه السلام أكثر من مرحلة، أمر من الله تعالى بقوله: {واصنع الفلك} [هود: 37].
وعمل من نوح عليه السلام بأن يصنع، وقد استغرق هذا الفعل وقتًا طويلًا من نوح عليه السلام إلى أن جاء أمر الطوفان الذي يدل عليه قول الحق سبحانه: {وَفَارَ التنور} [هود: 40].
ومعنى كلمة: {فَارَ} أي: أن الماء قد وصل إلى درجة الغليان.
فالماء يحتوي على هواء بدليل أن السمك يتنفس من الماء، وحين نغلي الماء نرى فقاقيع الهواء وهي تخرج من الماء، ثم يثقل الماء إلى أن تشتد سخونة الغليان، فيفور الماء منثورًا خارج إناء الغليان.
والتنور هو المكان الذي تتم فيه عملية الخبز، وخروج الماء من التنور هو علامة مميزة يعلمها نوح عليه السلام ليحمل من يريد نجاتهم، من المؤمنين، ومن متاع الدنيا كله.
وكانت العلامة هي خروج الماء من غير مَظَانِّه وهو التنور.
واختلف العلماء في تفسير كلمة التنور فمنهم من قال: إن التنور هو المكان الذي كان آدم عليه السلام يخبز فيه، أو هو المكان الذي كانت تعمل فيه حواء، أو هو بيت نوح، أو هو بيت سيدة عجوز.
وكل تلك التفسيرات لا تفيد ولا تضرُّ، المهم أن فوران التنور كان علامة بين نوح عليه السلام وربه، وأنه إذا ما فار التنور فعَلَى نوح أن يحمل من كل زوجين اثنين.
وقول الحق سبحانه: {احمل فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثنين} [هود: 40].
تعني: أن يحمل من كل الكائنات، وتدل على ذلك كلمة: {كُلٍّ} المنونة وتفيد التعميم أي: احمل في السفينة من كل شيء، تطلبه حياة الناجين من جميع أصناف النباتات والحيوانات، حتى الخنزير كان ضمن ما حمله نوح عليه السلام.
والذين يقولون إن تحريم الخنزير جاء؛ لأن نوحًا عليه السلام لم يحمله معه، لم يفطنوا إلى أهمية الخنزير كحيوان يأكل القاذورات وينظف الأرض منها؛ لأن كل كائن له مهمة، وليست مهمة الكائنات فقط أن يأكلها الإنسان.
وكلمة: {زَوْجَيْنِ اثنين} [هود: 40].
تدل على أن كلمة زَوْجٍ هي مفرد؛ بدليل قول الحق سبحانه: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [النساء: 1].
إذن: كلمة زَوْجٍ تعني مفرد معه مثله، كزوج من الأحذية مثلًا.
أقول ذلك حتى لا نأخذ كلمة الزوج على أنها اثنان؛ ولذلك نجد الحق سبحانه يقول في آية أخرى: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مَّنَ الضأن اثنين وَمِنَ المعز اثنين قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأنثيين أَمَّا اشتملت عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأنثيين نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ وَمِنَ الإبل اثنين وَمِنَ البقر اثنين} [الأنعام: 143144].
وحين نجمع العدد سنجده ثمانية، ولو كانت كلمة زوج تطلق على الاثنين لصار العدد في تلك الآية الكريمة ستة عشر.
ويوضِّح القرآن الكريم أن كلمة زوج مفرد في قول الحق سبحانه: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يمنى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فسوى فَجَعَلَ مِنْهُ الزوجين الذكر والأنثى} [القيامة: 37- 39].
إذن: فالذكر زوج، والأنثى زوج أيضًا. وواصل نوح عليه السلام تنفيذ أمر الحق سبحانه: {احمل فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثنين وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القول وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ} [هود: 40].
وهكذا شاء الحق سبحانه أن يستبقي الحياة بنجاة كل ما تحتاجه الحياة بالسفينة، ويقال: إنهم عاشوا في تلك السفينة عامين. اهـ.

.الإسرائيليات في سفينة نوح:

قال الدكتور محمد أبو شهبة:
ومن الإسرائيليات التي اشتملت عليها بعض كتب التفسير، كتفسير ابن جرير، والدر المنثور وغيرهما: ما روي في سفينة نوح عليه السلام فقد أحاطوها بهالة من العجائب والغرائب، من أي خشب صنعت؟ وما طولها؟ وما عرضها؟ وما ارتفاعها؟ وكيف كانت طبقاتها؟ وذكروا خرافات في خلقة بعض الحيوانات من الأخرى، وقد بلغ ببعض الرواة أنهم نسبوا بعض هذا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال صاحب الدر: وأخرج أبو الشيخ، وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كانت سفينة نوح عليه السلام لها أجنحة وتحت الأجنحة إيوان»، أقول: قبح الله من نسب مثل هذا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن مردويه: عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم» وذكر أن طول السفينة كان ثلاثمائة ذراع، وعرضها خمسون ذراعا، وطولها في السماء ثلاثون ذراعا، ثم قال: وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر، عن ابن عباس: «أن نوحا لما أمر أن يصنع الفلك، قال: يا رب، وأين الخشب؟ قال: اغرس الشجر، فغرس الساج عشرين سنة...» إلى أن قال: «فجعل السفينة ستمائة ذراع طولها، وستين ذراعا في الأرض يعني عمقها، وعرضها ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون2 وأمر أن يطليها بالقار3، ولم يكن في الأرض قار، ففجر الله له عين القار، حيث تنحت السفينة، تغلي غليانا، حتى طلاها، فلما فرغ منها جعل لها ثلاثة أبواب، وأطباقها، وحمل فيها السباع، والدواب، فألقى الله على الأسد الحمى، وشغله بنفسه عن الدواب وجعل الوحش والطير في الباب الثاني، ثم أطبق عليهما».